ماذا نعرف عن تطور الأورام الدماغيّة لدى الأطفال وأبناء الشبيبة في أعقاب تعرضهم لأشعّة أمواج الراديو من الهواتف الخلوية؟
الأورام الدماغيّة نادرة في كل سن، بما في ذلك الأطفال، ولكن من بين أنواع السرطان التي تظهر في سن الطفولة (تحت سن 20)، هي النوع الأكثر شيوعاً بعد سرطان الدم (لوكيميا). في إسرائيل (في 2006)، نسبة سرطان الدماغ والجهاز العصبي كانت 18% من مجموع نسبة الإصابة بالأمراض بالسرطان بين الأطفال وأبناء الشبيبة حتى سن 19.
فيما يلي استعراض ملخص للأبحاث التي أُجريت وتُجرى اليوم أيضا في موضوع العلاقة الممكنة بين التعرض الشخصي لأشعة الراديو وتطور الأورام الدماغيّة لدى الأطفال وأبناء الشبيبة.
بحث CEFALO
الحديث عن بحث فئة من نوع حالة ضابطة أجريت في السنوات 2004-2008 في الدانمارك، النرويج، السويد وسويسرا. كان هدف البحث تقييم إن كانت علاقة بين استخدام الهواتف الخلوية لدى الأطفال وخطر تطوير أورام دماغيّة في فترة الطفولة. جرت مقابلات في البحث لـ 352 طفلا (أعمارهم 7-19) تم تشخيصهم بأن لديهم أورام دماغيّة. بموازاة ذلك جرت مقابلات لـ 646 طفلا سليما (دون أورام دماغيّة) أعمارهم متماثلة ومن نفس المناطق. سُئل الأطفال بالنسبة لطريقة استخدامهم للهاتف (كم من الوقت يكون معهم، كم محادثة يُجرون، ما هي مدة المحادثات، بأي جانب من الرأس يعتادون مسك الهاتف وإذا كانوا يتحدثون بلا يدين(بواسطة "ديبوريت"). في قسم من الحالات، إذا سمح الأمر، قارن الباحثون حتى تقارير الأطفال بشأن أنماط استخدامهم للهاتف الخلوي، مع بيانات حول أنماط استخدام نفس المشارك كما حصلوا عليها من شركة الاتصالات الخلوية.
بناء على نتائج البحث، تحدث حوالي نصف الأطفال بالهاتف على الأقل مرة في الأسبوع. تحدد هؤلاء الأطفال كـ "مستخدمين". شريحة الأطفال الذين أمسكوا بالهاتف أكثر من 5 سنوات وجمعوا خلال حياتهم 144 ساعة محادثة وأكثر، و/أو أجروا بصورة متراكمة 2638 محادثة أو أكثر، كانت حوالي 13% فقط. حسَب الباحثون نسبة الخطر لتطور أورام دماغيّة اعتمادا على نمط استخدام الهاتف ثم التعيير للتعرض لعوامل خطر أخرى معروفة بأنها تتعلق بتطور أورام دماغيّة (تقرير حول فحوص أشعة، حول أمراض تلوّثية وحول إصابات الرأس في الماضي). بينت النتائج ارتفاعا بـ 36% بخطر تطور أورام دماغيّة لدى الأطفال الذين تحدثوا بالهاتف على الأقل مرة في الأسبوع لمدة نصف سنة. هذا الخطر الزائد لم يكن ذو دلالة إحصائية (95% نطاق الثقة 0.92-2.02). كما لم يشاهد خطر زائد لتطوير المرض أيضا عند استخدام متواصل نسبيا (أكثر من 5 سنوات)، ولم يجدوا خطرا زائدا لتطوير المرض في مناطق الدماغ التي تمتص وجبات أشعة أعلى.
في المقال الذي ظهرت نتائج البحث فيه كما أُشير أعلاه، ادعى الباحثون أن "انعدام نسبة الجرعة-رد الفعل من ناحية كمية استخدام الهاتف الخلوي أو من ناحية موقع الورم في الدماغ لا يدعم وجود علاقة سببية بين التعرض للهواتف الخلوية وتطور المرض.
من المهم الإشارة إلى أن الفحص الدقيق لنتائج البحث في المقال يشير إلى أنه عند التحليل الجزئي للمعطيات، الذي شمل النتائج التي اعتمدت أيضا على بيانات استخدام موضوعية للأطفال كما حُصل عليها من الشركات الخلوية (بخلاف التقرير الذاتي الذي اعتمد على ذاكرة الأطفال)، وُجد أن خطر تطوير أورام دماغيّة بعد بدء استخدام الهاتف بحوالي 3 سنوات كان أعلى بضعفين مقابل أطفال لم يُحددوا كـ "مستخدمين". كانت هذه النتائج ذات دلالة إحصائيّة (95% نطاق الثقة 4.29-1.07).
انعدام الدلالة الإحصائيّة يمكن أن يعكس حالة بناء عليها لا توجد علاقة بين استخدام الهواتف الخلوية لدى الأطفال وخطر تطوير أورام دماغيّة في فترة الطفولة، لكنه يمكن أن ينبع عن عينة صغيرة جدا. وفعلا، اعتمد البحث على عينة صغيرة نسبيا من الأطفال (ما مجموعه 998 مفحوصا) وعلى فترة متابعة قصيرة. من الجدير الإشارة أن مدى استخدام الهاتف الخلوي الذي فُحص في البحث كان منخفضا بالمقارنة مع المقبول اليوم، خاصة في إسرائيل. كما أن الأطفال الذين حُددوا بأنهم مستخدمين "ثقيلين" للغاية، تحدثوا خلال حياتهم ما مجموعه 144 ساعة تراكمية، أو أنهم أجروا 2638 محادثة بصورة متراكمة.
الأبحاث البيئية التي تختبر العلاقة بين نسبة الأورام في الدماغ والجهاز العصبي المركزي لدى الأطفال وبين زيادة استخدام الهواتف الخلوية في تلك السنوات
إضافة إلى البحث الموصوف أعلاه، أجرى باحثو CEFALO بحثا بيئيا اختبروا فيه نسبة الأورام في الدماغ والجهاز العصبي المركزي لدى الأطفال الذين أعمارهم خمس حتى 19 بين السنوات 1990-2009. كانت فرضية الباحثين أن الزيادة الحادة في استخدام الهواتف الخلوية في هذه السنوات ستجد تعبيراً لها بزيادة موازية بنسبة الإصابة بالمرض. معطيات نسبة الإصابة بالمرض بالأورام الدماغيّة حُصل عليها من قاعدة بيانات تسجل فيها كل حالات السرطان في الدول الاسكندنافية (تسمى هذه القاعدة سجلّ السرطان cancer registry). أُخذت معطيات استخدام الهاتف الخلوي من استبيانات الأطفال الذين عملوا مجموعة ضابطة في بحث CEFALO وكذلك من معطيات الاستخدام التي حصل عليها من الشركات الخلوية في السويد.
لم تثبت فرضية الباحثين؛ بالرغم من زيادة استخدام الهواتف الخلوية، لم يُشاهد تغيير نسبة الحدوث في الأورام الدماغيّة في السنوات المذكورة. أبحاث بيئية مشابهة في الولايات المتحدة وعدد من الدول الاسكندنافية (الدنمارك، فنلندا، النرويج والسويد) بينت هي أيضا أن نسبة الأورام الدماغيّة لدى الأطفال وأبناء الشبيبة في هذه السنوات بقيت دون تغيير.
من المهم العودة إلى الإشارة أن في السنوات 1990-2009 شيوع استخدام الهواتف الخلوية بين الأطفال كان ما زال منخفضا نسبيا، وكذلك الأبحاث البيئية التي بينت جودة أقل من الأدلة العلمية مقابل أبحاث حالة مراقبة أو أبحاث فئات سكانية (للتوسع انظروا فصل طرق البحث - أبحاث سكانية).
بحث موبيكيدس
بحث موبيكيدس (Mobikids) هو بحث حالة ضابطة دولي بمشاركة مراكز بحث من 14 دولة (بضمنها الوحدة الوبائية للسرطان والأشعة في معهد غرتنر، تل هشومير). كان الهدف من البحث تقييم الخطر المحتمل لتطور أورام دماغيّة لدى الأطفال والمراهقين في أعقاب التعرّض البيئيّ للأشعّة غير المؤيّنة (بما في ذلك استخدام وسائل اتصال وتعرض آخر للحقول الكهرومغناطيسية). في البحث، الذي بدأ في 2010 ومستمر حتى اليوم، من المتوقع أن يشارك فيه حوالي 3,000 طفل أعمارهم 10-24 سنة (حوالي 1,000 طفل تم تشخيصهم بأنهم مصابون بأورام دماغيّة وحوالي 2,000 طفل معافى). يشكل البحث جزءا من برنامج الإطار السابع للاتحاد الأوروبي (7the Framework Program of the European Union). تترأس البحث البروفسور إليزابيث كارديس (Elisabeth Cardis) من مركز أبحاث الأوبئة البيئية (CREAL) في برشلونة، إسبانيا. وتترأس الذراع الإسرائيلية البروفسور سيغال سدتسكي.
عقب قلة الأبحاث في الموضوع التي نُشرت حتى اليوم، هناك اتفاق شامل وقاطع أنه يجب اتخاذ الحذر الشديد في تعريض الأطفال لأشعة الراديو والعمل حسب مبدأ الحذر الوقائي في أوساط هذه الفئة. الأسباب لذلك هي:
- الأطفال هم فئة حساسة.
- من المتوقع أن أطفال اليوم سوف يستمرون باستخدام التكنولوجيات المُطلقة لأشعة الراديو طيلة حياتهم ويجمعوا خلالها مدة تعرض طويلة جدا.
- ليس من المفروض أن يتخذ الأطفال قرارات في مواضيع حرجة بأنفسهم، وذلك لأنهم تحت مسئولية الكبار.
يتمثل مبدأ الحذر الوقائي بتحديد سياسة تتطرق إلى الحد من تعرض الأطفال لأشعة الراديو. يتخبط صناع سياسة الصحة في أنحاء العالم، من الجملة، هل يجب تقييد سن استخدام الهواتف النقالة، وهل يجب تقييد بيع الهواتف النقالة لأطفال دون سن معينة. يطرح هذا الموضوع السؤال، حتى أي سن يعتبر الشخص طفلا بكل ما يتعلق بالأشعّة غير المؤيّنة؟
كما يدور نقاش واسع في السؤال، كيف يستخدمون في المدارس التكنولوجيات المُطلقة لأشعة الراديو مع المحافظة على صحة التلاميذ (انظروا سياسة وزارة التربية والتعليم في موضوع استخدام الـ Wi-Fi في المدارس).
توصيات وزارة الصحة لاستخدام ذكي للأجهزة المطلقة لأشعة الراديو
توصي الوزارة باتباع الحذر الزائد عند الحديث عن أطفال والتقليص قدر الإمكان من تعرضهم للهواتف الخلوية. كما توصي وزارة الصحة مراعاة سن بداية الاستخدام، تقليص مدى الاستخدام وفي كل حالة الحرص على استخدام سماعات (سلكية) أو مكبر صوت أثناء استخدام الهاتف الخلوي.
المصادر
- Aydin D, Feychting M, Schüz J, Tynes T, Andersen TV, Schmidt LS, Poulsen AH, Johansen C, Prochazka M, Lannering B, Klæboe L, Eggen T, Jenni D, Grotzer M, Von der Weid N, Kuehni CE, Röösli M. Mobile phone use and brain tumors in children and adolescents: a multicenter case-control study. J Natl Cancer Inst. 2011; 103:1264-1276
- Aydin D, Feychting M, Schüz J, Röösli M; CEFALO study team. Childhood brain tumours and use of mobile phones: comparison of a case-control study with incidence data. Environ Health. 2012; 11:35
- Boice JD Jr, Tarone RE. Cell phones, cancer, and children. J Natl Cancer Inst. 2011; 103:1211-123.
- Schmidt LS, Schmiegelow K, Lahteenmaki P, Träger C, Stokland T, Grell K, Gustafson G, Sehested A, Raashou-Nielsen O, Johansen C, Schüz J Incidence of childhood central nervous system tumors in the Nordic countries. Pediatr Blood Cancer. 2011 Jan;56(1):65-9. doi: 10.1002/pbc.22585.
- משרד הבריאות, המרכז הלאומי לבקרת מחלות, מצב הבריאות בישראל 2010, פרסום 333, אוגוסט 2011.